إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 12 يناير 2019

الموت ما هو ؟ رؤية إبراهيم عبد القادر المازنى




إن الإنسان  منا ينظر فى شبابه  إلى  الموت  - حين يجريه شىء بباله - كما ينظر إلى شىء وراء الجبل  لا يفهمه ولا يدركه  ولا يعرف كنهه ولا يتصوره  إلا على  أنه  المجهول البعيد  ويشغله صعود الجبل وما يلقاه على  هذا  الجانب منه  وما يفتنه وهو يتوغل حتى يدنو من القمة  ، فتتزاحم فى  رأسه  الخواطر والتكهنات  عما وراء هذه  الرباوة  التى قضى  الشطر الجميل من  حياته فى الصعود إليها   ويحضر إلى ذهنه شيئا  فشيئا  معنى الموت  ومؤداه  ثم يستبد بخاطره   ولا يخاطره  ويكون  الأصعاد قد هد القوى كثيًرا  وأنهك الجسم  فيتبلد  إلى  حد كبير  من فرط التعب  ويواجه فكرة  الموت فى شىء من الذهول  يذهب برهبة الفناء ويسلبه الفزع.
 إن الموت  هو اليأس ، ومن رحمة الله بالخلق  أن الحياة أقوى  وإن إحساس المرء بها اعظم  وأن وقعها فى  نفسه  أشد  و  أستيلاءها عليه  أتم ، والشباب قوة دافقة  والحياة  معه تكون جديدة  فلها كل حلاوة  الجدة وسحرها ،   ولكنها فى  الكهولة  تكون شيئا مألوفا  وتجارب معهودة معادة ،  ومن هنا لا يحس الإنسان بالفزع  حين يخطر له أنه سيكف عن هذه الحياة  التى ظل  يذوقها حتى كاد يجتويها  ، ولولا أن  الحياة عادة ككل شىء فى الدنيا  وأن المرء يألف أن يعيش  وأ ن يتنفس الهواء  لما استثقل أن يموت وأن   ينقطع عن الدنيا  ، فالعادة  والخيال الذى ينمو مع العمر  والإحساس بالنفس  هذا  هو الذى يجعل  الموت صعبا ويجعل من مفارقة الحياة  ألمًا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق