هى تشبه خمر أبو نواس حين قال :
دع عنك لومى فإن اللوم إغراء - وداونى بالتى كانت هى الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها - لو مسها حجر مسته سراء.
فتنة للمؤمنين ، بيضاء فاقع لونها تسر الناظرين ، تتكلم دون أن تسمع لها صوت ، تحكى بنظراتها ، بكل شىء تخبرك عيونها ، تمشى برقة حتى تكاد أن تختفى ، تتحدث بهدوء حتى لتتوقع انها ستذوب ، جسدها ممشوق صارخ ينظق بالسحر ، ملامحها بريئة دقيقة علامة للجمال ، وإن المحبين ليعرفون من أماكنهم ، الطرقات التى اجتازوها والشوارع التى مروا بها ، إننا نعرفهم من كل ما يتعلق بهم ، على أرصفة الشوارع ومحظات الإنتظار ، إنما تتميز الأماكن بما وقع فيها وماجرى خلال وجودنا بها ، غامضة مشتتة ، عقل لا يتناسب مع الجسد ولا مع الحياة ، هى أشبه بطير رقيق صغير من غابات الأمازون وجد نفسه فجأة فى صحراء جزيرة العرب ، ليست الأجواء التى يعرفها ولا هى الطبيعة التى تتماشى معه ، قابلتها حدثتها قالت لى لماذا لا ترسمنى ؟ فكرت " الرسم على خلاف كثير من الأشياء الغامض فيه أكثر من الواضح والقليل منه يبوح عن الكثير ، إذا أردت رسمها فلن أرسم الجسد بل سأفتش عن الروح ، فى عقلى رأيت لوحتها فارغة من الخارج ، جوفاء من الداخل ، بلا هامش وبلا تفاصيل ، لوحة صامتة ساكنة لن يعرف فيها شىء ، لاشىء فيها سوى فراغ تحدق فيه ، ربما تعثر فيه على ماتريده وتجد ما تبحث عنه ، إنها تشبه بائعات الهوى ولكنها لا تبيع سوى الهوى ، تعشق الكلام وتجيد الإستماع ، لا تغريها القوة ولا تجذبها الوسامة بل يأسرها من يحتويها بنظراته ، من يمتلكها بقلبه وفى قلبه .
قلت لها مابال روحك أصبحت شاحبة ؟ قالت أحببته فخدعنى أعطيته قلبه فخذلنى ، بعت كل شىء من أجله فباعنى أول شىء ، هزته الصدمات ووقع تحت وطأة المواقف لم يكن فارسًا ولا حتى نبيلًا خذلنى كالجميع ، إن صدمتى ليست فى أنه خذلنى بل إن صدمتى فى نفسى أكبر أننى خذلت نفسى ‘ إن خطأ صغير فى اختيار واحد لهو كفيل بأن يجعلك تفقد شغفك فى كل شىء ، لقد فقدت الصلة بكل من حولى ، وفقدت الرغبة فى الحياة ، إن أسوأ مكان فى الجحيم مرهون لمن يخذلون أحبابهم .
" ليته قتلنى جسدَا ولم يسلبنى روحًا" .
انسابت دموعها والتزمت الصمت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق