مهما واجهت من صعاب هل تعرضت يوما أن تنزع أظافرك بيدك ؟ أو تغير جلدك ؟ و هل وضعت يوماً في اختيار صعب أحدهما أن تعيش مهزوماً ضعيفاً ، و الثاني أن تترك كل من حولك فترة كبيرة و تخوض فيها برحلة ألم لكي تعود إنساناً جديداً ؟
عذراً لو كان التشبيه قاسي بعض الشيء ولكن يدخل النسر العجوز اختبار أقسى و أكثر ألماً ...
بالرغم من كل قوة النسر و هيبته و حدة بصره المعروفة عندما يبلغ من العمر ثلاثين عاماً تبدأ قوته بالانهيار، فتضعف مخالبه و لا يستطيع أن يقبض على فريسته فلا يأكل ، و تلتصق أجنحته بصدره فلا يستطيع أن يطير لارتفاعات عالية أو التحليق طويلا ، و لو استسلم لهذا الوضع فليس هناك سوى الهلاك المحقق ، و يكون أمامه خياران لا ثالث لهما ، أن يستمر هكذا و يموت في مكانه هزيلاً ضعيفاً ، أو يبتعد ليتبدل و تعود له قوته مرة أخرى ... و لكن الاختيار الثاني باهظ الثمن جدا ً .
ففيه يبتعد النسر مدة لا تقل عن مائة و خمسين يوماً يذهب فيها إلى قمة الجبل ، يقوم أولا بتكسير مخالبه واحدا تلو الآخر بالضرب بقوة على الصخور و ينتظر حتى تنمو له مخالب جديدة ، بعد ذلك يكسر منقاره بنفس الطريقة الصعبة و ينتظر أيضاً حتى ينمو آخر جديد ، ثم بعد ذلك يقوم بنتف ريشة بمنقاره الجديد حتى يتخلص من كل ريش جناحية و ينتظر حتى ينمو ريشا جديدا قويا .
بعد الانتهاء من رحلة الألم هذه يعود النسر شابا مرة أخرى و يبدأ حياه جديدة كأنه ولد من جديد ، و يعيش بإذن الله ثلاثين عاماً أخرى بكامل قوته و عنفوانه.
هل تتصور مقدار الألم الذي يمر به هذا النسر خلال مائة و خمسين يوماَ ؟ لقد كانت بالنسبة له مسألة حياة أو موت و هو اختار الحياة و اختار أن يعيشها قويا شاباَ كأنه ولد من جديد .
أتصور أنه لو َوضَع كل منا هدفه أمام عينيه و اتخذها مسألة حياة أو موت سوف نحصل على نفس النتيجة ، فمن منا لا يريد الحياة .
يقول تعالي " و في أنفسكم أفلا تبصرون " فبداخل كل منا قوة و إرادة كبيرة ، فأعطى الله هذا النسر القوة و الإرادة على تحمل هذا الألم لكي يكمل حياته ، فما بالك بنا و لقد كرمنا الله تعالى على جميع خلقه ؟ لا نحتاج أكثر من التوكل على الله و الأخذ بالأسباب و بذل الجهد فالنجاح لا يأتي هكذا ولابد من دفع الثمن و مهما كان باهظاً فهو يتستحق فعندما ننجح نولد من جديد ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق