إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

مأساة الذكريات إيزابيل الليندى

فى ساعات  الصمت  تداهمنى الذكريات  واشعر بأن كل شىء قد جرى لى  فى اللحظة نفسها   كما لو  أن  حياتى كلها هى صورة واحدة  مهمة   ، فالطفلة والفتاة  اللتان  كنتهما والمرأة التى  صرت إليها  والعجوز التى سأصبحها  كل المراحل هى ماء  يندفع  من الينبوع   المتدفق نفسه  ، إن ذاكرتى  أشبه  بجدارية  مكسيكية   حيث كل  شىء يحدث فى  وقت  واحد  : وصول سفن الفاتحين   فى  أحد الأركان   بينما محاكم  التفتيش  تعذب السكان  الأصليين  فى  ركن  آخر  ، و أبطال التحرير  ينطلقون  على جيادهم رافعين   رايات  دامية   والأفعى المجنحة   قبالة مسيح  يتألم   بين المداخن  السامقة   فى  عصر التصنيع   ، هكذا  هى  حياتى  رسوم  على  حائط متعددة   ومتنوعة  لا يكن لأحد  سواى حل ألغازها  لأنها تنتمى   إلىَ  مثل سر خاص  .
إن الذهن  ينتفى  ، يبالغ  ، يخون  ، والأحداث تتلاشى  ، والأشخاص تنساهم  الذاكرة   ولا يبقى  أخيرًا سوى مسار الروح   ليس  مهما ما جرى لى   وإنما آثار  الجروح التى  تميزنى .
 إن  مغزى  ماضىَ  ضئيل جدًا  فأنا لا ارى  فيه  نظامًا ولا وضوحًا  أو أهدافًا  أو  دروبًا  وإنما  مجرد رحلة عشوائية   تقودها الغريزة  والأحداث  المنفلتة التى  حرفت مسار قدرى  ، لم  تكن  هناك حسابات   وإنما مجرد نوايا  طيبة   والريبة الغامضة   بوجود  تخطيط أعلى   يحدد خطواتى ، لم  أشاطر احدًا ماضى  حتى الآن   ، إنه  حديقتى الأخيرة   التى لم  يطل عليها  حتى  أكثر العاشقين   تدخلًا  . خذيه يا باولا يا  ابنتى  فربما أفادك  فى شىء   ، لأنى أظن  أن ماضيك  لم يعد موجودًا    لقد ضاع منك  فى هذا السبات  الطويل ولا يمكن  للإنسان  أن  يحيا  دون ذكريات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق