إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 12 فبراير 2013

الساجر جلال عامر




ــ احترس من النشالين، نشالي المحافظ في 

الأتوبيسات ونشالي الثورات في الميادين، فإذا 

كان المفهوم الضيق للحرية هو حرية انتقاد 

المسئولين فقد حصل، بدليل أن الصحف الحكومية 

وبعض المذيعات وتوفيق عكاشة يهاجمون مبارك 

الآن، لذلك على الثوار أن يدركوا أن تغيير 

المسئولين لا يعني تغيير المجتمع، وأن أعظم 

شعاراتهم وهو الحرية قد يتسلمها أحفادهم على 

يد مُحضر، لأن أكبر قيد على حرية المجتمع هو 


المجتمع نفسه الذي يحارب حرية العقيدة بقطع 

الرقبة وحرية التعبير بقطع الرزق وحرية التنقل 

بقطع الطريق، فإذا لم نتفق على أن المشروع 

القومي هو التعليم فلى الأقل نتفق على أن 

المشروب القومي هو العرقسوس، إذ ليس من 

المعقول أن تزيد أتعاب المحامي على تعويضات 

الشهداء إلا في الدول التي تبحث عن القروض ولا 

تبحث عن اللصوص.




ــ نحن نمر الآن بأسوأ فترات الإنحطاط، ثورة بلا 

رأس ودولة بلا رئيس ومجتمع بلا نخبة، مجتمع 

يسد الشوارع بسبب الصلاة، ويملأ السجون 

بسبب السرقة ويهجر الطب إلى التعشيب 

والكيمياء إلى السحر، والفلك إلى التنجيم، مجتمع 

مزق صور إبن مبارك الفاسد ليرفع صور ابن لادن 

القاتل، مجتمع لا يهمه الجائع إلا إذا كان ناخبا، ولا 


يهمه العاري إلا إذا كانت إمرأة، فقل ما تريد لمن 

تريد متى تريد ولكن في سرك، واتصل لتحصل 

على طبلة هدية، كان الإختيار في النظام السابق 

أن تأكل عيشا، أو تأكل عيشا وحلاوة، وأصبح 

الاختيار في النظام الحالي أن تنفجر من الغيظ أو 



تنفجر من قنبلة.



ــ ليس المطلوب هو رفع ثمن الشهيد كما يريد 

النواب ولكن رفع قيمة الشهيد كما يريد الثوار، 

وعيب أن يقال أننا نجحنا في نقل تجربة تونس في 

الثورة، وفشلنا في نقل تجربتها في السياسة لأن 

تونس فيها أغصان زيتون، ومصر فيها عصي 

ميليشيات، وسوف يرحل الجيش بعد شهور، 

وأتمنى ألا نضطر إلى استدعائه بعد شهور... 

فاقطف زهرة وضعها في يد حبيب أو على قبر 

شهيد، فالفراق صعب بدليل أن وزير الداخلية لم 

يتحمل فراق الطوارئ لمدة أسبوع وطالب بعودتها، 

وهو شيئ محير بين نظام قديم يقول إن فرض 

الطوارئ مؤقت، ونظام جديد يقول إن رفع الطوارئ 



مؤقت، وكأن الطيور ما زالت ترقد على بيضها 

ليفقس، والحكام ما زالت ترقد على شعوبها 

لتفطس، ومع ذلك يظل الأمل مضيئا برغم بعض 

العقول المظلمة، وقد عاصرت الزلازل تقوم في 

أمريكا، ومع ذلك عاشت مصر برغم كل المحن 

تقطف الزهور وترفع أغصان الزيتون وتبتسم، 

فابتسم من فضلك قبل أن تصبح الابتسامة جريمة 

هتك عرض.





ــ الحقيقة تقول أننا أول دولة في التاريخ، وآخر 

دولة في العلوم، وهذا النوع من الشعوب يسهل 

تحويل رأسه إلى كرة يتم التلاعب بها، فمعظمنا 

يأكل ويشرب بمعرفته، لكنه يفكر بمعرفة الآخرين، 

هذا بلد الحرائق فابحثوا عن صول في المطافئ 

ورشحوه رئيسا، فهل تخلص الشعب من النظام، 

أم أن النظام يتخلص من الشعب؟... ومع ذلك 

حاولوا أن تطفئوا حرائق الجهل ثم تضيئوا أنوار 

العلم، هذا هو الداء والدواء.





ــ يقول إسحاق نيوتن: إن لكل فعل رد فعل، ونحن 

نعاتب رد الفعل، ولا نحاسب الفعل بسبب وجود 

أخوات كان المنتشرات في كل مكان، الحساب قبل 

العتاب، والواجب قبل الدموع.



ــ سوف نعبر هذه المحنة عندما يتوارى الزعماء 

والمفتون والمحللون ويعود المواطن العادي، سوف 

نعبر هذه المحنة عندما تصبح مدرجات الجامعة 


أهم من مدرجات الكرة ومعامل البحث العلمي أهم 

من مكاتب البحث الجنائي، وعندما تعرف أن أسوأ 

ما في الأمة هو «الأمية»، وإذا عرفنا أن الله من 

أجل الصالحات وليس من أجل الإنتخابات، سوف 

نعبر هذه المحنة لأننا أبناء من عبروا المستحيل.


 ــ انتصار الشباب ليس فيلما لأسمهان، لكنه 

حقيقة علمية فلا أحد يقف أمام الطبيعة ولا عاقل 

يهتف ضد التكنولوجيا، هو فقط يّؤجل مثل مباريات 

الكرة ومواعيد حبيبتي وجلسات المحاكمة. (هذه 

الفقرة من آخر مقال كتبه وتم نشره يوم السبت 

11 فبراير 2012).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق