إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

العقل الباطن والذكريات الدفينة 2 فى بلدتنا كنيسة ودير للرهبان

 فى محاولة لتدوين مراحل  سابقة وحتى لا تضيع فى  قادم السنين ومع مرور الأيام  نتذكر مرحلة مهمة فى بلدتنا كان يوجد كنيسة على مساحة  شاسعة ودير للرهبان  كانت تقع الكنيسة فى أجمل مكان  فى البلدة  على بحر سيدنا يوسف وكانوا يخبروننا أنهم ملاعين ، وقد سيطروا على مساحات شاسعة ليست من حقهم ، وكان يوجد بها البلوك الأبيض الخاص بالبناء بكميات رهيبة  أتذكر الشكل تماما ، كانت علاقة شائكة معقدة لم يتسبب فيها سوى ما تستمع إليه وتنصت له  ،  ارتبطت بالكثير من الإشاعات المعروفة  والأساطير المتداولة من قبل المسلمين  والتى  تدل على سذاجة وسخافة واضحة  وليس ذلك إلا لسبب واحد وهو  الكراهبة ، سأذكر تباعًا بعض الأساطير كما أتذكر على مستوى شخصى  ، أسطورة أولى  عندما يتم فتح الدير يكون البحر هائجًا  ويبتلع الكثير من الشباب ، كان يتم فتح الدير كل عام فى نهاية شهر مايو على ما أتذكر وكان يستمر لمدة 15 يوم يأتيه المسيحيون من كل مكان من أنحاء الجمهورية  ، يصاحب قدومهم مدينة ملاهى على أعلى مستوى فى وقتها كانت أيامًا رائعة ، لا يعكر صفوها سوى حدة الكراهية ـ التحرش ، وفى حالة لو غرق أحدهم  ، كانت بطولة  فى تلك الأيام إذا قمت بسب مسيحى أو تعديت على مسيحية  ، أتذكر فتحى وفهمى شقبقان نحيفان قصيران  فقيران يعيشان فى منطقة هى الأسوأ اجتماعيا ، انحطاط أخلاقى وغياب القانون  لقد عانا الشقيقان أشد المعاناة  لمجرد أنهما مسيحيان  ، كان يتم رشق البيت بالحجارة وأيضُا رشقهما هما شخصيًًا ،  كانت مأساة حقيقية .
  إن وجود  مثل هؤلاء أشخاص لا يجيدون سوى الأذى والكراهية هو دليل غير قابل للنقض على العدمية ، فى الحقيقة إن مجرد وجود مصر بكامل تشكيلها لا يدع أى مجالًا للوجودية  إنها عدمية مطلقة، ثابتة ، متقنة ، صارخة فى وجه الجميع ، لا وجود لعدالة  ، لا وجود لإنسانية ، لن ولم يوجد أى أمل ..أخبرونا يومًا  عن الكنيسة أنه قد وقعت مجازر فى هذا المكان   بسبب رغبة المسيحين فى زيادة مساحة الكنيسة عن طريق تغيير مكان السور ،وأن بناءها بالأساسا تم رغمًا عن الجميع وأنه لو سنحت أى فرصة سيتم هدمها .
  وكان يوجد بالكنيسة منحل - لتربية النحل -  كان يوجد به أفضل أنواع العسل  ، لا يأكل منه أغلب أهل البلد بسبب أن العبوات التى يباع بها يوجد عليها صليب ، كان يقال رغم أنهم مسيحيون لكنهم لا يغشون  ، هنا فقد العقل والمنطق قدرته  ،  ما سبق كان بشكل عام  ، أما على المستوى الشخصى  كانت العلاقة معهم أكثر من ممتازة وكان لدينا جيران مسيحيون  كانوا يعيشون فى سلام ووئام  مع الجميع  ، واتذكر مدرس  لا أحمل له سوى التقدير حتى اللحظة ، وحتى تاريخه يقوم بعيادتنا الفساوسة والرهبان فى كل الأعياد والمناسبات .
جولة فى الكنيسة والديرمن الداخل : 
عندما يتم فتح أبوابها أثناء مدة الدير كان يتوافد مسلمى البلد   هناك أكثر من المسيحين، كانت أشبه بمهرجان سياحى ، وأتذكر بكل دقة داخل الدير  من يدق الصليب او الوشم الذى تختاره ، إن وجود رمز للمسيحيين يوشم  على  الجسد شىء يتنافى مع أى عقل أو منطق ولا مبرر له  وفى حياتى لم أكره شىء مثل الوشم  فهو لا يمثل سوى القبح ولا يعنى سوى مزيد من التشويه  ،كان يتم عرض فيلم عن المسيح وأتذكر جملة منه تقريبًا " سامحهم ياأبى " . كانت منتشرة فى الكنيسة تلك المحلات عن الصليب والوشم   وما يتعلق بها  .
أتذكر قصة مارى جرجس الذى سمى الدير على اسمه  وصوره المنتشرة فى كل مكان  داخل الكنيسة والدير ،وأحكيها كما أتذكرها من وقتها أنه كان هناك وحش كان يريد شرب جميع مياه البحر حتى ينفذ وجاء مارى جرجس على حصان ويحمل سيف طويل جدًا لا يقدر أحد من البشر على حمله  طعن به الوحش وأنقذ الجميع لقد كان مارى جرجس يمثل البطل الخارق المنقذ فى دلالة على الضعف المستشرى والوهم والامل الزائف بوجود منقذ  دائمًا ،  فكرة لم تجد مستقرًا لها سوى فى ثلاثة أشياء فى رأيى - الدين : فكرة واحدة بأسماء متعددة بتعدد الديانات  المهدى االمنتطر - المخلص - المسيح - وثانيًا فى أفلام هوليود سوبر مان وخلافه  ، وثالثًا فى الأساطير الشعبية أبو زيد الهلالى  والزير سالم  غلى آخره .
كانت أجواء الإحتفال بقدوم الدير تفوق الإحتفال بالمولد النبوى الذى لا يكون إلا يومًا واحدًا لا يوجد به أية ألعاب ، فى حين كان  الدير يستمر لمدة 15 يومًا متالية مع أفضل الألعاب  وقتها  .
أسطورة أخرى  مع سمير الصديق والجار فى نفس  عمرنا كان مهذبًا على قدر عالِ من الخلق ، يمر كنسمة هواء دون أن تلحظه ويتكلم دون أن تراه  ، اخبرنا  احدهم لقد ذهب للكنيسة ليعمل كشماس  واشترطوا عليه أن يحفظ مقدار كبير من القرآن  حتى يتم قبوله كشماس  ، لا يهمنى صحة ذلك من عدمه  فقط مجرد تدوين  .
آخرمرة  رأيت فيها الكنيسة كان السور أعلى من السابق يذكرنى  بجدار  إسرائيل العازل  مع قطاع غزة  ، ربما هو رمز وقتها لحالة المسيحيين فى مزيد من العزلة وعدم الإندماج والإختلاط  فى مجتمع لم يتقبل حتى أدنى المعاملات الإنسانية  ، يمتهمون فقط مِهن معينة  وتتركز اغلبها فى الطب  والنجارة  تيمنًا  بسيدنا عيسى بن مريم ،
 لم يكن مجرد جدار عازل ، لو كان للحجارة التى بنى بها أن تتكلم لحكت لنا الكثير ، لو استطعنا ان نستجوب الهواء المحيط لكان شاهدًا على عصر وحاضرًا فى عصر .
آخر مرة تواجدت فيها هناك أيام الدير لم أعرف أنه كان هذا وقت الدير لا يوجد أية مظاهر ولا احتفالات واختفت الألعاب ، فقط سيارات  كثيرة  من الشرطة وتشديد أمنى  لا اعلم سببه فى غياب واختفاء كل شىء  .
وقتها وقفت قليلًا هناك  وتكرت مقولة لنجيب محفوظ لن يمنى الإنسان بعدو أشد فتكًا من الزمن .
هذه تدوينة تمت كتابتها فى عام 2019 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق