إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020

تأثير رحيل الأحباب نموذجين متناقضين

 فقدت إيمانى بعد أن قمنا بدفن هذا الصغير وورايناه التراب وتركناه للظلام  وأغلقنا عليه القبر ، كتبت  قصيدة فى عقلى  أعبر فيها عن إعتراضى  ، دفنته ودفنت معه الحياة ، انتهت معه كل الكلمات التى تتحدث عن الامل أو العدل  ، سُلب حياته وانتهت حياتى ، رحل عن حياته ورحلت عن حياتى  ، كانت الصدمة غير متوقعة ورد الفعل صمت فقط ، ثم بدأت أصرخ ثم نوم متكرر ثم نوبات اكتئاب ثم كوابيس متكررة  لم تنتهى إلى اللحظة ثم إيمان فُقِد للابد  ، الأمر نفسه كان كابوسًا لا يمكن وصفه ، كل شىء حدث بسرعة  لم أتمكن من الإستيعاب ولم تكن هناك أية رد فعل ولأنه لاشىء يحدث مصادفة  فقد تكرر الأمرمع فتى آخر رحل فجأة وبدون مبررات  ، لا اسباب يقبلها العقل ولا  مكان هنا للمنطق  ، نفس الكابوس يتكرر  كان الولد أشبه بالملاك يقولون فى الأساطير عن مثله " هو ابن موت  " عندما يكون الفتى متكامل  أخلاق وأدب وتهذيب  يرون أنه سيموت فمثل هذا لن يستمر فى مثل هكذا حياة  ، من أول لحظة رأيته كان ابن موت  اكتسب كل صفاته  وشملته كل مميزاته ،  كان الفتى رائع  ، الكوابيس نفسها تتكرر ، تتمنى لو كانت نهاية العالم  ولكن لم تكن النهاية  ، كان وحيدًا لأمه المكلومة  وهنا أقف فى صدمة أخرى  .
لنتفق على أن الموت لا يختار سوى الأفضل  فى السن المبكرة  وهذا ليس مقياسًا بالتأكيد ولكنها وجهة نظر لا يد من ذكرها  ، ولأتفق ايضًا أن أضعف الإيمان هنا عند رحيل من تحب  أن تجن فى عقلك ، أو تفقد إيمانك فى قلبك .
كلمات  غامضة لنوضحها قليلأً فى نموذجين مختلفين تمام الإختلاف واتفقا فى شىء واحد  أن كلتاهما فقدت طفلها الوحيد .
الاولى أم هانى  والثانية أم مصطفى  
الأولى  من الريف الثانية من  أهل المدينة 
الأولى فقدت عقلها الثانية زاد إيمانها 
الأولى غير متعلمة الثانية تعليم  على  أعلى مستوى 
الأولى لم تغادر قريتها الثانية عاشت فى أوروبا 
الاولى  أصبحت تائهة  الثانية ظلت صامدة 
نموذجان مختلفان  ولكن أيهما الأصح  ؟  أم هانى بالتأكيد ،  كانت  ناقمة ،  الدموع لم تفارق عيناها  ، تبحث عن هانى فى  الجموع  ،حتى أصيبت بالخبل وفقدت عقلها  ، كنت أبكى كل مرة أراها تهيم فيها على  وجهها  تنادى باسمه ،  كنت أتمنى لو تسمعنى وتدرك كلماتى  لأخبرها كم هى شخصية جديرة  بالإحترام  ‘ إن جنونها وسخطها هو صرخة  وحزنها إعتراض فإذا كنا قد فقدنا حق  اختيار المجىء للحياة  فعلى الأقل لنعترض على الرحيل  ، لنسجل موقفًا  ، لنقول لا ،  على الأقل لا  ، ما هكذا تجرى الأمور ، هذا شىء غير مقبول  .
أم مصطفى كانت هادئة  بطريقة مستفزة  ، كانت تقول أنه إيمان  أخبرتها  إنها سذاجة  للراحل ،  أخبرتنى إنه القبول  قلت لا بديل عن الإعتراض  .
ثم أسهبت فى كلماتها تدعوها  إيمان  وأدعوها سذاجة ، لقد  أخبرتنى أننى رجِعت لكثير من الامور،  وتوقفت عند كثير من الإشارات التى لم ألحظها فى وقتها والتى  كانت تنبئ عن رحيل قريب  ، تتحدث بهدوء أكثر وعقل لا أعلم كيف لها أن تحتفظ به فى ظل ما جرى  .
قلت لها إنه  مازال يأتينى  فى كوابيس متكررة  ، و إيمانك لا محل له من الإعراب وأن روحى عندما تقابل روحه  سآتى إلى غرفته فأحرك شيئًا يحبه  وأسقطه على الأرض  حتى إذا تم إعادته سأسقطه من جديد   وسأكرر الامر ثلاث مرات لأثبت لكِ أنه لا مجال للوجود وأنها أرواح تتكرر للابد ،  أخبرتنى لقد فقدت أنت  إيمانك وعقلك  ، لقد فقدت القدرة على الرؤية بشكل واضح  ، لقد كان  كل شىء مهيىء لما حدث ، إننى أتقبل ما حدث  ، أخبرتها  أنه كان فى الإمكان  أفضل مما كان  ،قالت  أثق أن ما حدث هو   الأفضل .هل من أحد يقنعنى كيف لنا أن نتركهم للظلام ؟!! 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق