اهتز الجبل أمامى ، ثمة دموع عميقة أخذت تشق طريقها الى فوق ، لقد رأيت أناساً كثيرين يبكون
رأيت دموعاً فى عيون لا حصر لها ، دموع الخيبة واليأس والسقوط والحزن والمأساة والتصدع ، رأيت دموع الوجد والتوسل ، الرفض الكسيح والغضب المهيض الجناح ، دموع الندم والتعب ، الاشتياق والجوع والحب ولكنها أبداً أبداً لم تكن مثل دموع أم سعد
لقد جاءت مثلما تنفجر الأرض بالنبع المنتظر منذ أول الأبد ، مثلما يستل السيف من غمده الصامت ، ووقفت هناك على بعد لحظة واحدة من بريق العين الصامدة .
عمرى كله لم أر كيف يبكى الإنسان مثلما بكت أم سعد
تفجر البكاء من مسام جلدها كله ، أخذت كفاها اليابستان تتشنجان بصوت مسموع ، كأن شعرها يقطر دموعاً ، شفتاها ، عنقها ، مِزَقُ ثوبها المنهك
،جبهتها العالية ، وتلك الشامة المعلقة على ذقنها كالراية ، ولكن ليس عيناها .
.............................................................................
رواية أم سعد
غسان كنفانى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق