يحكى"أن أحد الولاة, إبان الحكم العثماني, كان قد أمر ببناء دار للعجزة في بغداد يدخل إليها الرجال من العاجزين عن العمل,والمقعدين عن الحركة والمشي,وممن ليس لهم أحد يتكفل بإعالتهم من الأهل والأقرباء .
و عين الوالي مبلغا من المال لصرفه على أولئك العاجزين, وجعله جراية سنوية.
ثم أخذ بعض المتسولين والمكدين ,والشحاذين,ومن لف لفهم,يقصدون تلك الدار فيسكنوها,مدعين أنهم من العاجزين ,فيأكلون ويشربون ,وينامون.ثم أصبح دار العجزة هذا-بمرور الوقت-مقرا للكسالى ,والمتعاجزين والتنابلة والعاطلين.
وفي ذات يوم جاء الوالي إلى تلك الدار ليتفقد أحوالها ,فرأى فيها العجب العجاب :رجالا أصحاء وشبابا أقوياء,كسالى لا هم لهم إلا الأكل والنوم,وموظفين يختانون أموال الدولة المخصصة لهؤلاء الكسالى,ومالا من أموال الدولة يضيع هباءا في غير وجه حق.فثارت ثائرته وتملكه الغضب ,وصاح بمن حوله :
"ألهؤلاء أمرنا بإقامة هذه الدار ؟ أم للعاجزين والمنقطعين والمقعدين؟...خذوا هؤلاء التنابلة الكسالى فألقوا بهم في دجلة!.."
فأسرع الحرس لتنفيذ أمر الوالي, فأخذوا التنابلة ووضعوهم في عربة كبيرة,من عربات النقل التي تجرها الخيول ,واتجهوا بهم نحو نهر دجلة. وصادف أن مر ,من هناك ,رجل ثري محسن,فسأل بعض الحرس : "من هؤلاء؟..وأين تذهبون بهم؟".
فأسرع الحرس لتنفيذ أمر الوالي, فأخذوا التنابلة ووضعوهم في عربة كبيرة,من عربات النقل التي تجرها الخيول ,واتجهوا بهم نحو نهر دجلة. وصادف أن مر ,من هناك ,رجل ثري محسن,فسأل بعض الحرس : "من هؤلاء؟..وأين تذهبون بهم؟".
فقال الحرس:هؤلاء"تنابلة"!.
وقد أمر الوالي برميهم في النهر,لأنهم يعيشون عالة على الناس ولا يؤدون عملا"
فقال الثري المحسن :"هؤلاء مساكين وأنا استطيع أن آويهم طلبا للثواب ,وكسبا للمغفرة.فان لدي بستانا كبيرا أربي فيه بعض الأبقار ,فأجلب لها,في كل يوم مقدارا كبيرا من الخبز اليابس لغذائها.وفي البستان سواقي كثيرة يجري فيها الماء العذب الصافي.فليأت هؤلاء التنابلة إلى ذلك البستان فليسكنوا فيه,ويتقوتوا من ذلك الخبز اليابس,بعد أن يبلوه بالماء الجاري في تلك السواقي,فيلين,فيأكلوه"
وكان بعض التنابلة في العربة يستمعون إلى كلام الرجل
المحسن.وكان من جملتهم رجل عجوز مرمي على وجهه في العربة ويتدلى بعض جسمه خارجها,فرفع رأسه ,
وسأل الرجل المحسن :"التنقيع على من ؟"
وهو يعني من الذي سيقوم بوضع الخبز اليابس بالماء حتى يلين
فقال الثري :"عليكم طبعا"
فصاح الرجل التنبل بسائق العربة : "سوق عمي عربنجي . سوق ..للشط ! "
أي سر في طريقك ياسائق العربة للشط..لترمينا فيه..فهو يفضل الموت غرقا على أن يقوم بعمل يخدم به نفسه."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق