كنا نعرف مرضاً واحداً يمكن علاجه ، هو الجهل والأمية ، ولكننا اليوم أصبحنا نرى مرضاً جديداً مستعصيا هو " التعالم" وإن شئت فقل الحرفية فى " التعلم " فقد أتيح لجيلنا ان يرى نموذجين من الأفراد فى مجتمعنا : حامل المرقعات ذى الثياب البالية ، وحامل اللافتات العلمية .
فاذا كنا ندرك بسهولة كيف نداوى المريض الأول فإن مداواتنا للمريض الثانى لا سبيل إليها لأن عقل هذا المريض لم يقنن العلم ليصيره ضميراً فعالاً ، بل ليجعله آلة للعيش ، وسلماً يصعد به الى منصة البرلمان وهكذا يصبح العلم مسخة وعملة زائفة غير قابلة للتصرف وان هذا النوع من الجهل لأدهى وأمر من الجهل المطلق ، لأنه جهل حجرته الحروف الأبجدية وجاهل هذا النوع لا يقوم الأشياء بمعانيها ولا يفهم الكلمات بمراميها ، وانما بحسب حروفها فهى تتساوى عنده اذا ماتساوت حروفها ، وكلمة " لا " تساوى عنده " نعم " لو احتمل أن حروف الكلمتين متساوية .
فمشكلة الثقافة لا تخص طبقة دون أخرى بل تخص المجتمع كله بما فيه المتعلم والصبى الذى لم يتعلم وتشمل المجتمع من أعلاه إلى أسفله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق