هبط ويل بعينيه نحو شجرته المشتعلة فرأى " جوهر العالم ورأى وجوده هو الخاص ، يتوهج خابياً مع النور الساطع الذى كان فى نفس الوقت هو التعاطف الحنون أيضاً " يالوضوح ذلك الآن "
- النور الساطع الذى اختاره دائماً - مثله فى ذلك مثل كل إنسان آخر ، كان يتعامى عنه ، والتعاطف الذى فضل عليه دائماً عذاباته الخاصة الموروثة أو المفروضة ، فى بدروم الصفقات الرخيصة ومزبلة السوق وفضل عليه وحدته ذات الدرجات مع عشيقته بايز الحية أو مع زوجته موللى الميتة فى المقدمة ، أو مع جو الدهايد فى المنتصف ، وفى المؤخرة البعيدة ، مع قوى العالم غير الشخصية الضخمة والأعداد المتزايدة من المخاوف العصبية الجماعية والنزعة الشيطانية المنظمة وعلى الدوام ، وفى كل مكان ، لابد أن تتعالى الصرخات الهادرة المفعمة بالسلطة والهيمنة ، وفى المنومين المغناطيسيين أو كلماتهم آثار الحاكم أصحاب الحق فى الإيحاء للآخرين بما يفعلونه .
هناك على الدوام وفى كل مكان قبائل الحمقى والبلهاء والمنقادين ، والكذابون المحترفون ، ومتعهدوا تقديم التسالى الشاذة والمتع المنحطة .
أما ضحاياهم هؤلاء الذين وحدت أزياؤهم وأشكالهم ، فهم يسيرون دائماً إلى الامام أو يقلبون اتجاه سيرهم يمضون دائماً وفى كل مكان ، يقتلون غيرهم ويموتون فى انقياد كامل شبيه بانقياد الكلاب المدربة ،و مع هذا ، وعلى الرغم من الرفض الكامل للاكتفاء بكلمة " نعم " جواباً لأى سؤال أو للموافقة على أى شىء دون تحفظ ، هذا الرفض الكامل المبرر
، قلت الحقيقة وكانت ستظل على الدوام وتظل فى كل مكان ، حقيقة أنه كانت هناك على الدوام تلك القدرة على الإدراك كامنة حتى فى عقلى أنا هذا المصابى المحموم ، وتلك القدرة على الحب حتى فى قلب هذا العابد من عباد الشيطان ، حقيقة أن أساس كل الوجود كان من الممكن أن يتبدى فى كليته من خلال شجرة مزهوة أو من خلال وجه إنسانى ، حقيقة أنه كان هناك نور أو أن هذا النور كان أيضاً محبة وتعاطفاً وإشفاقاً .
........................................................
الجزيرة ألدوس هاكسلى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق