كنا معجبين " ببينار " وهو صبى اشبه بفروج كان بينار مريضاً ورغم ذلك كان رقيقاً ، حفياً ، حساساً ، وهو إلى ذلك الأول فى جميع المواد
ولم يكن يعيش إلا نصف عيشة فأنا لم يسبق لى ان رأيته بغير منديل من صوف يحيط به عنقه كان يبتسم لنا بلطف ولكنه كان يتكلم قليلا وأذكر أنه كان قد منع من ان يشارك فى ألعابنا وكنت من جانبى أحترمه كنا نحبه من بعيد لأنه كان يملك وهو حى اِمِّحاء الرموز .إن الطفولة انقيادية وفى الصف لم يكن ليرفع اصبعه ولكن حين يسأل كانت " الحقيقة " تتكلم بفمه بلا تردد ولا حماسة كما ينبغى أن تتكلم " الحقيقة " دائماً وكان يُلقى الإستغراب على عصبتنا ، عصبة الأولاد المدهشين ، لأنه كان أفضلنا من غير أن يكون مدهشاً .
ومات بينار فى نهاية الشتاء وفقدته أمه ، ومع ذلك فإنى أحتفظ فى غموض بذكرى قاسية لقد فقدت أمه تلك الأرمل " كل شىء " أترانى حقا قد اختنقت ذعراً من هذه الفكرة ؟ هل لمحت " الشر " ؟ وغياب الله ، وعالماً لا يُسكن ؟ أعتقد ذلك وإلا فلماذا احتفظت صورة بينار فى طفولتى المنكورة ، المنسية ، الضائعة بوضوحها المؤلم ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق