كان لحجرة الفرن فى قلب أمينة على عزلتها علاقة بقلبها لا تهن ، فلو حسب الزمن الذى قضته بين جدرانها لكان عمراً ، إلى ماتتزين به الحجرة من مباهج المواسم عند حلولها حين تتطلع إليها القلوب الهاشة لأفراح الحياة ـ وتتحلب الأفواه لألوان الطعام الشهية التى تقدمها موسماً بعد موسم كخشاف رمضان وقطائفه ، وكعك عيد الفطر وفطائره ، وخروف عيد الأضحى الذى يسمن ويدلل ثم يذبح على مشهد من الأبناء فلا يعدم دمعة رثاء وسط بهجة شاملة ، هنالك تبدو عين الفرن المقوسة يلوح فى أعماقها وهج النار كجذوة الشرور المشتعلة فى السرائر وكأنها زينة العيد وبشائره .
وإذا كانت أمينة تشعر بانها فى أعلى البيت سيدة بالنيابة وممثلة لسلطان لا تملك منه شيئاً ، فهى فى هذا المكان ملكة لا شريك لها فى ملكها فهذه الفرن تموت وتحيا بأمرها .
......................................................
بين القصرين نجيب محفوظ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق